كساب ابو سعيد Admin
عدد المساهمات : 423 نقاط : 25756 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/06/2011
| موضوع: دعاة على أبواب جهنم السبت أبريل 21, 2012 3:43 pm | |
| عناصر الموضوع 1الهجمة الشرسة على الثوابت 2دعاة على أبواب جهنم 3مكانة الصحابة في القرآن والسنة 4هل يسب الأطهار الأخيار؟! هل يسب عمر الفاروق؟! هل يسب عثمان ذو النورين؟! هل يسب علي أبو السبطين؟! هل يسب الصديق؟! 5هم القدوة فاعرفوا لهم فضلهم
الحرب على الثوابت - دفاع عن الصحابة
يقوم أعداء الإسلام بحرب شرسة على ثوابت الأمة ومبادئها، وقد استأجروا لذلك شرذمة خاسرة من أبناء هذه الأمة؛ لتبرز في هذه الحرب بمظهر الناصح المشفق! إمعاناً في الكيد والمكر! وقد صوبوا سهامهم في مرحلتهم الأولى من هذه الحرب ضد رموز هذه الأمة وقادتها، ضد حملة الشريعة وحراسها، ضد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم وأرضاهم.
الهجمة الشرسة على الثوابت
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء الأعزاء! وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا، الذي جمعني مع حضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! (الحرب على الثوابت) سلسلة منهجية جديدة أستهلها من اليوم بإذن الله تعالى، لأفند فيها شبهات حقيرة خطيرة تثار في عصر (الإنترنت) على أصول وكليات وثوابت هذا الدين، ومكمن الخطر أننا كنا قديماً نرد الشبهات على المستشرقين وعلى الملحدين، ولكننا اليوم نرد شبهات حقيرة وخطيرة على أيدي أناس كثيرين ممن يتكلمون بألسنتنا وينتسبون إلى الإسلام! فمكمن الخطر في هذه المرحلة، أن الذي يعلن الحرب على أصول وكليات وثوابت الإسلام هم رجال ينتسبون إلى الإسلام! بل ينتسبون من طرف خفي إلى العلم الشرعي! رجال من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا يثيرون شبهات حقيرة وخطيرة، لا على الفرعيات والجزئيات بل على الثوابت والأصول والكليات. فاستخرت الله رب الأرض والسماوات، لأبين هذه الشبهات، لا من منطلق أن الإسلام متهم، كلا، ولا من منطلق أنني أود أن أرفع من قدر الإسلام،كلا، وإنما لأرفع من قدر نفسي وقدر إخواني وأخواتي؛ لأن الإسلام باق، ومات أعداؤه منذ زمن، وسيموت الحاقدون الحاسدون على الإسلام، وسيبقى الإسلام شامخاً؛ لأن الذي وعد بحفظه وإظهاره على الدين كله هو الحي الباقي الذي لا يموت جل جلاله. وأستهل هذه السلسلة -التي أسأل الله أن ينفع بها وان يجعلها خالصة لوجهه الكريم- بالدفاع عن الأطهار، عن أصحاب النبي المختار صلى الله عليه وسلم؛ لأن هؤلاء بدءوا بإعلان الحرب على الصحابة؛ لغاية خبيثة سأبينها الآن لحضراتكم، وسأركز الحديث مع حضراتكم في هذا الموضوع الجليل في العناصر المحددة التالية: أولاً: دعاة على أبواب جهنم. ثانياً: مكانة الصحابة في القرآن والسنة. ثالثاً: وهل يسب الأخيار؟! وأخيراً: هم القدوة فاعرفوا لهم قدرهم. فأعيروني القلوب والأسماع أيها الأخيار الكرام! والله أسأل أن يجعلنا ممن يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ، أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ. ......
دعاة على أبواب جهنم
أيها الأحبة! إن الدعاة ينقسمون إلى قسمين، وهذا التقسيم ليس من عندي، إنما هو من كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: دعاة على أبواب الجنة، أسال الله أن نكون منهم، ودعاة على أبواب جهنم، أعاذنا الله وإياكم من حرها. فمكمن الخطر أن الذي يعلن الحرب على ثوابت الدين هم دعاة على أبواب جهنم، وهم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، في الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: (كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر؛ مخافة أن يدركني -فقه عال رفيع من حذيفة - فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير -أي: بالإسلام-، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، قلت -والقائل حذيفة -: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم وفيه دخن، قلت: وما دخنه يا رسول الله؟! قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير -أي: الذي شابه الدخن- من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: صفهم لنا يا رسول الله! فقال عليه الصلاة والسلام -وهو الذي لا ينطق عن الهوى، وكأن النبي يعيش عصرنا وقرننا، قرن الشبهات والشهوات، ويبين لنا هذا الصنف الخبيث النكد-: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)، ليسوا من المستشرقين، لا، قد مضى زمنهم، وليسوا من الملحدين، لا، قد مضى زمنهم، بل هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا. وفي لفظ مسلم ، وتدبر هذا اللفظ البديع في رواية مسلم ، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس) ينكرون عذاب القبر تارة، وينكرون الأحاديث المتواترة في المهدي تارة، وينكرون نعيم القبر تارة، وينكرون شفاعة الحبيب تارة، بل وينكرون السنة بالكلية تارة، بل ويشككون ويثيرون الشبهات على القرآن تارة، بل ويشككون في الله تارة! وسأبين لحضراتكم بالدليل في كل لقاء مستقل شبهاتهم الحقيرة الخطيرة على هذه الأصول، على الصحابة، على السنة، على القرآن، على رب العزة، على عذاب القبر ونعيمه، على الأحاديث الثابتة عن النبي عليه الصلاة والسلام، على كل النصوص، سأبين لحضراتكم بالدليل أقوالهم وشبهاتهم الحقيرة الخطيرة على ثوابت هذا الدين. يثيرون الآن شبهات عفنة على من؟! على أطهر الخلق بعد الأنبياء، على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقفت على كتابين، لا أقول: على مقالين بل على كتابين، لشيخ من شيوخ الضلالة، لشيخ أفاك أثيم، ولست في حاجة إلى أن أذكر اسم الكتابين الآن، وهذا فقه متين علمنا إياه الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه المبارك. مادام الكتاب ليس مشهوراً بين المسلمين، ولا بين كثير ممن يستمعون إلي الآن، فليس من الفقه ولا من الحكمة أن اذكر اسم الكتابين، فربما وقع على هذين الكتابين رجل مريض القلب، أو على الأقل رجل لا يحسن التعامل مع الأدلة ولا ما يناقضها، ولا يستطيع أن يقف على الأصول العلمية والقواعد الشرعية الثابتة، فيضل من حيث ندري أو لا ندري، نعوذ بالله من الخذلان، ونسأل الله أن يجنبنا وإياكم الفتن ما ظهر منها وما بطن. في هذين الكتابين الخبيثين يقول شيخ الضلالة هذا في حق الصحابة رضي الله عنهم بالحرف، وأنا أعي ما أقول تماماً حينما أقول: بالحرف، يقول في أحد كتابيه: (إن الصحابة كانوا يمثلون مجتمعاً متحللاً!). يقول عن مجتمع الصحابة، مجتمع الطهر: إنه مجتمع متحلل!: (إن الصحابة كانوا يمثلون مجتمعاً متحللاً مشغولاً بالرذائل والهوس الجنسي!). تصور! أن الصحابة الذين استولوا على نصف الأرض في وقت قصير من الزمان، لا يساوي في حساب الزمن شيئاً على الإطلاق، ثم يدعي أن هؤلاء الأطهار كانوا محبين للرذائل والهوس الجنسي! يعني: لا هم لهم إلا النساء، تصور أن هذا يقال عن الصحابة! ثم يقول هذا الدنيء الوضيع: (ولم تكن التجاوزات مقصورة على مشاهير الصحابة، بل تعدتهم إلى صحابيات معروفات!). ثم يقول في كتابه الثاني: (ولما كان التصاق الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر طقساً يومياً من الطقوس الاجتماعية المعتادة في مجتمع يثرب، فقد اضطر محمد -رفعاً للحرج- أن يبيح لأصحابه أن يمروا بالمسجد وهم جنب). انظروا إلى كلماتهم الخبيثة التي تبين عقيدتهم وفساد طويتهم، ويأتي الإعلام العلماني الذي لا يرقب في الإسلام ولا في المسلمين إلاً ولا ذمة، يأتي على شاشات التلفاز وعلى صفحات الجرائد والمجلات بهذه الرءوس العلمانية التي أعلنت الحرب على الإسلام فيضخمها ويلمعها! ثم يأتي في المقابل ببعض رجال الدين ممن لا يحسنون عرض القضية، ممن يدافعون عن الشبهة من منطلق أن الإسلام متهم في قفص الاتهام! فتبدوا الشبهة للناس وكأن أصحاب الفكر العلماني أصحاب الشبهة هم المنتصرون، وكأن الإسلام برجاله قد هزم، وأنه بالفعل أن الإسلام متهم في قفص الاتهام، وهو يحتاج من العلماء من يذب عنه هذه الشبهات الحقيرة الخطيرة، التي لم يستطيعوا أن يقفوا للرد عليها أمام هؤلاء العلمانيين، أو إن شئت فقل: المثقفين والمتنورين، وممن يسمون الآن في بلاد المسلمين بالنخبة التي تشكل عقول الأمة الآن في عصر تقدم فيه الذئاب لرعي الأغنام! وراعي الشاة يحمي الذئب عنها فكيف إذا الرعاة لها الذئاب؟! وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه الأيام وصفاً دقيقاً كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والحاكم ، من حديث أبي هريرة : (سيأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة)، صدق المصطفى ورب الكعبة (وينطق فيها الرويبضة، قيل: ومن الرويبضة يا رسول الله؟! قال: الرجل التافه) وفي لفظ: (الرجل السفيه يتكلم في أمر العامة). لم يعد التافهون يتكلمون في أمر العوام، بل أصبح التافهون الآن يتكلمون في أمر الإسلام، لا بل في أصول وثوابت الإسلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله! إنه زمان الفتن، فتن الشبهات التي أخبر عنها الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (ستكون فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً، ويمسي كافراً -سلم يا رب! سلم-، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً! يبيع دينه بعرض من الدنيا زائل)، بعرض من الدنيا حقير، يبيع الدين بالدنيا الزائلة الحقيرة التافهة. اللهم! ثبت قلوبنا على دينك حتى نلقاك، يا مقلب القلوب والأبصار! ثبت قلوبنا على دينك يا عزيز يا غفار! الصحابة يساء إليهم بهذا القدر! أنا أتحدى هذا الدنيء الوضيع أن يسيء لقسيس، أتحداه أن يسيء إلى وزير أو إلى رئيس أو إلى أمير أو إلى ملك! لكن الصحابة في زمن قل فيه الرجال، أصبح هؤلاء الأقزام يتطاولون على هذه القمم الشماء، على قمم الطهر والشرف والكرامة. اسمعوا ماذا قال الإمام الحافظ الكبير أبو زرعة؛ لتقفوا على سر إعلان الحرب على الصحابة؟! لماذا بدءوا في إعلان الحرب على الصحابة، سؤال مهم وخطير، لماذا الصحابة بالذات؟! الجواب من الحافظ أبي زرعة يقول: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول حق، والقرآن حق، وما جاء به الرسول حق، والذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة، وهؤلاء أرادوا أن يطعنوا في شهودنا وعدولنا؛ ليبطلوا القرآن والسنة). انظروا إلى كلام العلماء، لو شككت في أخلاقي لشككت فيما أنقله إليك من العلم، فالصحابة هم الذين نقلوا إلينا التركة المباركة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقلوا إلينا القرآن، نقلوا إلينا السنة، نقلوا إلينا أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الطعن في الناقل طعن في المنقول، إن ضيع الناقل ضاع المنقول، هؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة. قال الإمام مالك : (من وجد في قلبه غيظاً على أحد من أصحاب النبي فقد أصابه قوله تعالى: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29]، وقرأ الإمام مالك قول الله جل وعلا: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29]). وقال الإمام الطحاوي في عقيدته المشهورة التي تلقتها الأمة بالرضا والقبول: (ونحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وبالخير نذكرهم، ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم، فحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان). أيها الأحبة الكرام! قفوا على هذا التفصيل المهم، لا يجوز البتة لرجل زائغ العقيدة مريض القلب مشوش الفكر أن يتكلم عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحديث عن الصحابة يتطلب صفاءً في العقيدة، وإخلاصاً في النية، وأمانة في النقل، ودقة في الفهم، ونظرة فاحصة مدققة لأراجيف المغرضين والكذابين والوضاعين. وعلى أي حال أنا لا أرى لهؤلاء الأقزام مثلاً إلا كمثل ذبابة حقيرة سقطت على نخلة تمر عملاقة، فلما أرادت الذبابة الحقيرة أن تطير وتنصرف، قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة! لأني راحلة عنك! فقالت لها النخلة العملاقة: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة! فهل شعرت بك حينما سقطت علي لأستعد لك وأنت راحلة عني؟! هل يضر السماء أن تمتد إليها يد شلاء؟! بل هل يضر السماء نبح الكلاب؟! لا والله، فإن الذي شهد للصحابة بالخي......
مكانة الصحابة في القرآن والسنة
المناقب التي سأذكرها الآن لم ينلها الصحابة من هيئة مغرضة كذابة كمنظمة (اليونسكو) أو هيئة الأمم، أو حلف من الأحلاف، أو مجتمع ماسوني ضال مضل، لا، بل إن الذي عدّل وزكّى الصحابة هو الله، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه. قال جل في علاه: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]، المخاطب ابتداء بهذه الآية هم الصحابة: (كنتم) خطاب للصحابة ابتداء: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وقال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة:143]، المخاطب ابتداء بالآية هم الصحابة. وقال تعالى: الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ* الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:172-174]. وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:74] هذه شهادة من الله: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:74] وقال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ [التوبة:100]. تدبر -أخي الحبيب- قوله تعالى: (رضي الله عنهم) الله رضي عن المهاجرين والأنصار، أثبت العزيز الغفار ذلك في قرآنه إلى يوم القيامة: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]. وقال تعالى: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18]. وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ [الفتح:4]. وقال تعالى: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:8-9] والآيات في هذه كثيرة. وتأتي السنة ليبين صاحب السنة صلى الله عليه وسلم مكانة الصحابة، ففي الصحيحين من حديث ابن مسعود وعمران بن حصين أنه صلى الله عليه وسلم قال: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)، وفي الصحيحين من حديث أنس قال: (مروا بجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين أصحابه فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، فمروا بجنازة أخرى فأثنوا عليها شراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت، فقال عمر : ما وجبت يا رسول الله؟! فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أثنيتم على الأولى خيراً فوجبت لها الجنة، وأثنيتم على الثانية شراً فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض)، وكررها النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: (أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض ). وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر يوماً إلى السماء فقال: النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون). وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث عائذ بن عمرو : (أن أبا سفيان مر على سلمان وصهيب وبلال ، وهم من فقراء الصحابة، وأبو سفيان شريف من الأشراف وسيد من السادة، وفي المجلس أيضاً صديق الأمة الأكبر أبو بكر رضي الله عنه، فلما رأى فقراء الصحابة أبا سفيان يمشي قالوا كلمة شديدة، قالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها، فغضب الصديق لهذه الكلمة، وقال للصحابة: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟! وترك الصديق المجلس وانصرف إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره بما قال الصحابة وبما قال هو، فاسمع ماذا قال رسول الله لـأبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ! لعلك أغضبتهم -لعلك أغضبت سلمان وصهيباً وبلالاً ، لعلك أغضبتهم فوالله إن كنت أغضبتهم فلقد أغضبت ربك عز وجل). إلى هذا الحد، إلى هذا القدر، (لعلك أغضبتهم، فلئن كنت أغضبتهم فلقد أغضبت ربك عز وجل)، فوالله، ثم والله، ثم والله، ما كان حديثاً يفترى، ولا كلاماً يتردد، ذلكم الحديث الذي يروي به التاريخ أسماء أطهر ثلة عرفتها الأرض بعد الأنبياء والمرسلين. وأختم بهذا الحديث -وإن كان في سنده مجهول من باب الأمانة، إلا أن متنه ثابت صحيح بالشواهد التي ذكرت- وهو من حديث عبد الله بن مغفل في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك الله أن يأخذه). اللهم خذ كل من آذى أصحاب نبيك، وأصحاب رسولك، وآذى رسولك، وآذاك يا أرحم الراحمين، إن لم تقدر لهم الهداية في سابق علمك يا أحكم الحاكمين! أيها الأحبة! لو ظللت أتحدث لحضراتكم بالآية والحديث في فضل الصحابة، لاحتجت إلى لقاءات لا إلى لقاء، فإن الصحابة لو اجتمع أهل البلاغة على ظهر الأرض ليذكروا فضلهم من القرآن والسنة ما استطاعوا؛ لأن الذي عدلهم هو الله، ولأن الذي زكاهم هو الحبيب رسول الله صلى الله عليه وآله ومن والاه. ......
هل يسب الأطهار الأخيار؟!
فهل يسب هؤلاء الأطهار؟! هل يسب الأخيار؟! ......
هل يسب عمر الفاروق؟!
وهل يسب عمر الفاروق الأواب؟! ذلكم الرجل الذي قدم لدنيا الناس كافة قدوة لا تبلى ولن تبلى، ركز معي أيها الحبيب! إنها قدوة تتمثل في عاهل كبير، بركت الدنيا كلها على داره بأموالها وزخرفها وذهبها وسلطانها، بركت الدنيا كلها على عتبة داره فسرحها سراحاً جميلاً، وقام لينثر في الناس خيراتها وأموالها، وليبعد عن الناس فتنها ومضلاتها، حتى إذا انفض عنه علائق هذا المتاع الدنيوي الزائل قام ليستأنف سيره ومسراه مع مولاه. انظر إليه ستراه هنالك يجري تحت حرارة الشمس المحرقة على رمال ملتهبة، كادت الأشعة المنعكسة على الرمال أن تخطف الأبصار، فنظر إليه عثمان وقال: يا ترى من هذا الذي خرج في هذا الجو القائض القاتل؟! ولما دنا قال: يا سبحان الله! إنه عمر، إنه أمير المؤمنين، فناداه: (يا أمير المؤمنين! ما الذي أخرجك في هذا الوقت الشديد الحر؟! فيرد عمر أمير المؤمنين: بعير من إبل الصدقة قد ند وشرد وأخشى عليه الضياع، فقال عثمان: تعال يا أمير المؤمنين إلى الظل وإلى الماء البارد، وكلف أحد عمالك ليأتيك بهذا البعير، قال: عد إلى ظلك وعد إلى مائك البارد يا عثمان! أأنت ستسأل عنه بدلاً مني أمام الله يوم القيامة؟!) انظر إليه ستراه هنالك قد أحنى رأسه الذي ارتفع ليطاول كواكب الجوزاء، أو إن شئت فقل: الذي شرفت كواكب الجوزاء بالنزول إلى الأرض لتستوي برأس عمر! انظر إليه وقد أحنى رأسه تحت قدر على نار مشتعلة ينفخ في النار، لينضج طعمة طيبة لأطفال فقراء يبكون من شدة الجوع! انظر إليه ستراه هنالك يمشي مع زوجته ليأخذها في الليل الدامس إلى أين؟! إلى امرأة قد أدركها كرب المخاض، ولا تجد من يساعدها في الولادة، فيذهب أمير المؤمنين بنفسه ليأتي بامرأته لتساعد مسلمة فقيرة مريضة! انظر إليه ستراه هنالك وهو يتفقد أحوال رعيته، يرى إبلاً سمينة عظيمة ممتلئة فيقول عمر : (ما شاء الله إبل من هذه؟! فيقولون: إبل عبد الله بن عمر، وكأن حية رقطاء قد أفرغت كل سمها في جوف عمر! إبل عبد الله بن عمر ؟! ائتوني به، ويأتي عبد الله وهو إمام الورع، إمام الزهد، إمام التقى، ويقف بين يدي أبيه، فيقول له عمر : ما هذه الإبل يا عبد الله ؟! فيقول عبد الله : إبل هزيلة اشتريتها بخالص مالي يا أمير المؤمنين! وأطلقتها في الحمى لترعى لأبتغي ما يبتغيه سائر المسلمين من الربح والتجارة، فقال عمر في تهكم لاذع : بخ! بخ! يا ابن أمير المؤمنين! وإذا رأى الناس إبلك قالوا: ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين، اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين، فتسمن إبلك ويزداد ربحك يا ابن أمير المؤمنين! قال: مرني يا أبت! قال: انطلق الآن فبع الإبل وخذ رأس مالك، ورد الربح إلى بيت مال المسلمين! سبحانك! يا خالق عمر سبحانك! يا خالق عمر. انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضع الأوسمة والمناقب على صدر عمر، في سنن الترمذي بسند حسن من حديث عبد الله بن عمر مرفوعاً: (إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه). وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينا أنا نائم إذ رأيتني في الجنة، ورأيتني إلى جوار قصر، ورأيت إلى جواره جارية تتوضأ فقلت -والقائل المصطفى-: لمن هذا القصر؟ فقالوا: لـعمر بن الخطاب ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لـعمر رضي الله عنه، فتذكرت غيرتك يا عمر فأعرضت بوجهي -أي: عن النظر إلى الجارية وإلى القصر- فبكى عمر وقال للمصطفى: أومنك أغار يا رسول الله؟!). وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا نائم إذ عرض علي الناس وعليهم قمص، -جمع قميص- منها ما يبلغ الثدية، -جمع ثدي- ومنها ما دون ذلك، وعرض علي عمر بن الخطاب وعليه قميص يجتره، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟! قال: الدين). وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر قال: (بينا أنا نائم إذ أوتيت بقدح لبن فشربت حتى إني أرى الري يخرج من بين أظفاري، ثم أعطيت فضلتي -أي: ما تبقى من اللبن في الإناء- لـعمر بن الخطاب قالوا: فما أولته يا رسول الله؟! قال: العلم). وفي الصحيحين من حديث سعد بن أبي وقاص قال: (استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله وعنده نسوة من قريش يحدثنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على النبي، فلما استأذن عمر وسمع النسوة صوت عمر أسرعن وقمن من مجلس النبي يبتدرن الحجاب ليختفين من عمر ، فدخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي يضحك، فقال عمر المهذب المؤدب: أضحك الله سنك يا رسول الله! -يعني: زادك الله سروراً على سرورك، ولم يقل: لماذا تضحك يا رسول الله؟ فقال المصطفى: عجبت لهؤلاء اللاتي كن عندي يسألنني ويستكثرنني عالية أصواتهن، فلما سمعن صوتك قمن يبتدرن الحجاب! فقال عمر -المؤدب-: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله! ثم التفت عمر إلى النسوة وقال: يا عدوات أنفسهن! تهبنني ولا تهبن رسول الله! -والمرأة لا يخونها لسانها في مثل هذا الموضع أبداً-، فرد النسوة على عمر وقلن: نعم، فأنت أفظ وأغلظ من رسول الله، فقال النبي لـعمر قولة عجيبة: أَوّه يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده! لو رآك الشيطان سالكاً فجاً -يعني: تمشي في طريق- لتركه لك، وسلك فجاً غير فجك يا عمر !). يا رافعاً راية الشورى وحارسهـا جـزاك ربك خيـراً عن محبيهـا رأي الجماعة لا تشقى البـلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيهـا إن جاع في شدة القـوم سبقتهم في الجوع أو تنجلي عنهـم غواشيهـا جوع الخليفة والدنيـا بقبضتـه منزلة في الزهـد سبحـان موليها فمن يباري أبا حفص وسـيرتـه أو من يحـاول للفـاروق تشبيهـا يوم اشتهت زوجته الحلوى فقـال لها من أين لي ثمن الحـلوى فأشريها؟ ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى فقومي إلى البيت فرديها كذاك أخلاقه كانت وما عهـدت بعد النبوة أخـلاق تحاكيها فهل يسب الفاروق الذي أذل كسرى وأهان قيصر؟! إنا لله وإنا إليه راجعون!
أعلى الصفحة
هل يسب عثمان ذو النورين؟!
أيها الأحبة الكرام! وهل يسب عثمان ذلكم الحيي التقي النقي، ذو النورين المصلي إلى القبلتين، صاحب الهجرتين، الحيي الكريم، أكتفي بحديث واحد فقط في مناقب هذا العملاق: في صحيح مسلم من حديث عائشة : (استأذن أبو بكر على رسول الله وهو مضطجع في حجرة عائشة ، وقد كشف عن ساقه أو فخذه، فأذن النبي للصديق فدخل وخرج والنبي على هيئته، ثم استأذن عمر فأذن له النبي وهو على هيئته، ثم لما استأذن عثمان فجلس النبي وسوى عليه ثيابه، وأذن لـعثمان ، فلما دخل عثمان ثم انصرف قالت عائشة : يا رسول الله! دخل عليك أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عليك عمر فلم تهتش له ولم تباله، فلما دخل عليك عثمان جلست وسويت ثيابك وأذنت له؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة ! ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة؟!). أيها الإخوة! والله لا أخشى فقط إلا من الإطالة عليكم، فإن الصحابة رضوان الله عليهم يشعر الإنسان وهو يتحدث عنهم بفخر وعزة، إذ إنه ينتسب إلى هؤلاء الأشراف الأطهار الكرام، فكل أمة تفخر برجالها وأبنائها، وإن أحق الأمم بالفخار هي أمة النبي المختار بجدارة واختيار، بل وبشهادة العزيز الغفار: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110].
أعلى الصفحة
هل يسب علي أبو السبطين؟!
وهل يسب علي رضوان الله عليه، الذي اضطر يوماً لأن يفخر فقال: محمد النبي أخي وصهـري وحمزة سيد الشهداء عمـي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكـة ابن أمـي وبنت محمد سكني وزوجـي منوط لحمها بدمـي ولحمي وسبطا أحمـد ولداي منهـا فأيكم له سهـم كسهمـي وأكتفي بحديث واحد فقط خشية الإطالة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه)، وفي رواية مسلم يقول عمر : (والله ما تطلعت إلى الإمارة إلا يومها)، تمنى كل الصحابة الإمارة في هذا اليوم لعلهم ينالون هذا الشرف: (ويحبه الله ورسوله). فلما كان في الصباح قام النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن القائد الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فقال المصطفى: (أين علي بن أبي طالب ؟ قالوا: لم يأت اليوم يا رسول الله! إنه يشتكي عينيه، قال: ائتوني به، فأرسلوا إليه، فجاءوا به، فمسح النبي عينيه فبرأ وكأن لم يكن بهما وجع، وأعطاه الراية، وانطلق أسد الله الغالب، ففتح الله على يديه، وما لبث أن فتح حصون خيبر بهذه القولة الخالدة: الله أكبر خربت خيبر)، نسأل الله أن تعلو من جديد: الله أكبر خربت حصون اليهود، إنه ولي ذلك والقادر عليه. حب النبي على الإنسان مفترض وحب أصحـابه نور ببرهـان من كان يعلـم أن الله سائله لا يرمـين أبا بكر ببهتــان ولا أبا حفص الفاروق صاحبه ولا الخليفة عثمان بن عفان ولا علياً أبا السبطين نعم الفتى وصى به المصطفى في سر وإعلان فهم صحابة خير الخلق خصهم الإلـه بجنــات ورضــوان
أعلى الصفحة
هل يسب الصديق؟!
هل يسب الصديق ؟! إنا لله وإنا إليه راجعون! هل يسب أبو بكر ؟! رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأطوار، وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأسفار، وضجيع النبي صلى الله عليه وسلم في الروضة المحفوفة بالأنوار، الممدوح في الذكر بقوله تعالى: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40]، أيسب الصديق ؟! إنه أمر ينخلع له القلب، والله إنها لمرارة وغصة في الحلق أن يسب صديق الأمة في زمان الفتن، في زمان الشبهات والشهوات، على مرأى ومسمع، وفي الكتب، بل وعلى صفحات الجرائد والمجلات. يسب الصديق رضوان الله عليه وأرضاه ذلكم العملاق الكبير، الذي لو اجتمع أهل الأرض ليمدحوه ما رفعوا من قدره، وما أعلوا شأنه، وإنما رفعوا من قدر أنفسهم، وأعلوا من شأنهم، وهم يتحدثون عن صديق الأمة ، عن الرجل الذي لم يتلعثم في إيمانه طرفة عين، بل كان شعار الصديق إذا تشككت الصدور، وتلعثمت الكلمات في الصدور: (إن كان محمد قد قال ذلك فقد صدق) كلمة عجيبة، ميزان دقيق، يثبت يقين الرجل وإيمانه، الرسول قال كذا، إذاً انتهى الأمر، محمد صادق! (إن كان محمد قد قال ذلك فقد صدق)؛ من أجل ذلك كان الصديق أحب الرجال إلى قلب سيد الرجال محمد صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص قال: (قلت يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة ، قال: من الرجال؟ قال: أبوها -أي: الصديق - قال عمرو : ثم من؟ قال المصطفى: ثم عمر). الصديق رجل في أمة النبي صلى الله عليه وسلم يزن أمة، وقد أفردت له لقاءً كاملاً بعنوان: رجل يزن أمة، إنه الصديق . روى أحمد في مسنده من حديث عمر بن الخطاب موقوفاً عليه أنه قال: (لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح إيمان أبي بكر ) ولم لا يا إخوة؟!! الصديق لم يترك سبيلاً من سبل الخير إلا وسارع إليه بهمة عالية، في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة: يا عبد الله! هذا خير، يا عبد الله! هذا خير، فإن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، وإن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، وإن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، وإن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، فقال الصديق : يا رسول الله! وهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر) ، وفي رواية ابن حبان من حديث ابن عباس بسند صحيح قال الصديق : (وهل يدعى أحد من هذه الأبواب كلها يا رسول الله؟! قال المصطفى: نعم وأنت هو يا أبا بكر). هذه درجته ومكانته، تنادي عليه كل أبواب الجنة ليدخل منها إلى نعيم مقيم: فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:54-55]. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الصحابة يوماً وقال: من أصبح اليوم منكم صائماً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن عاد اليوم منكم مريضاً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن أطعم اليوم منكم مسكيناً؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فسأل المصطفى: فمن تبع اليوم منكم جنازة؟ فقال أبو بكر : أنا يا رسول الله! فقال المصطفى: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة). وتجلت مكانة الصديق في آخر أيام الحبيب، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري : (أن النبي صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن عبداً من عباد الله خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عند الله؛ فاختار ما عند الله فبكى الصديق الذي فهم مراد حبيبه ومصطفاه وقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! فديناك بآبائنا وأمهاتنا وأموالنا وأنفسنا) فضج الناس في المسجد النبوي، وتعجبوا لكلام صديق الأمة ، عجباً لهذا الشيخ ماذا يقول؟! الرسول يتحدث عن عبد مخير بين الدنيا والآخرة، فلماذا يقول الصديق مثل هذا الكلام؟! قال أبو سعيد: وكان أفهم الصحابة لكلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد فهم الصديق أن العبد المخير هو الحبيب المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكى رضي الله عنه وأرضاه، فقال النبي: (على رسلك يا أبا بكر ! -ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم مكانة الصديق فقال: أيها الناس! إن أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ، وما نفعني مال أحد قط مثلما نفعني مال أبي بكر ، ولو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، وما منكم من أحد إلا وكان له عندنا يد كافأناه بها إلا الصديق فإنا قد تركنا مكافأته لله عز وجل، سدوا الأبواب كلها التي تطل على المسجد إلا باب أبي بكر رضي الله عنه). وقد فهم أهل العلم أن هذه إشارة واضحة إلى أنه سيتولى من بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأمر النبي أن يبقى بابه مفتوحاً. يوم مات المصطفى صلى الله عليه وسلم تجلى يقين الصديق وإيمانه الذي لم يتزلزل ولم يتزعزع أبداً، طاش عقل عمر، وطاش عقل عثمان، وخرس لسان علي، وطاشت عقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، انظروا لتعرفوا قدر الصديق ، انظروا لتعرفوا مكانة الصديق ، عمر الفاروق الأواب صرخ بأعلى صوته وقال: (والله من قال بأن محمداً قد مات لأعلونه بسيفي هذا، فإن رسول الله ما مات، بل ذهب للقاء ربه عز وجل كما ذهب موسى بن عمران، وليرجعن وليقطعن أرجل وأيدي المنافقين الذين يزعمون أنه قد مات) الذي يقول هذا هو عمر فاروق الأمة الأواب! فتصور الصحابة دون عمر كيف كان حالهم؟! وثبت الله الصديق ، بل وكان موقفه بمثابة البوصلة التي حددت اتجاه التاريخ، نحو هذا العملاق الذي لم يتلعثم ولم يتزعزع ولم يتردد، بل كان هذا الموقف بمثابة الموقف الذي يبين بجلاء ووضوح أن الرجل الذي يجب أن يتقدم ليسد الفراغ الرهيب الذي سيتركه الرسول صلى الله عليه وسلم بموته هو الصديق رضي الله عنه وأرضاه، شق أبو بكر الصفوف، ودخل غرفة عائشة، فوجد حبيبه مسجى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، فقبل الصديق رسول الله بين عينيه، وجثى على ركبتيه، وفي الرواية التي حسنها شيخنا الألباني في مختصر الشمائل أن الصديق بكى، وعلم أن الموت حق، وأن الرسول قد مات، فنادى على حبيبه وقال: (وا صفياه! وا صفياه! وا نبياه! وا حبيباه! وا خليلاه!)، وقال في رواية الصحيحين: (أما الموتة التي قد كتبها الله عليك فقد ذقتها ولا ألم عليك بعد اليوم). وخرج الصديق إلى الناس، وقال على رسلك يا عمر ! انتظر يا عمر ! فاجتمع الناس حول الصديق ، فحمد الله وأثنى عليه وقال في ثبات مذهل، ويقين عجيب: (أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، وقرأ قول الله تعالى: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ [آل عمران:144]). إنه الصديق، إذاً: يا راية الله رفرفي! إذاً: فلتتقدم أيها الرجل العملاق الكبير لتملأ هذا الفراغ الكبير الذي تركه النبي العظيم الكبير صلى الله عليه وسلم، إنه الصديق الذي لو ظللت أتحدث عنه الدهر ما وفيت هذا الرجل العملاق حقه. هذا الرجل الذي كان من أعظم بركاته على الأمة: أنه أطفأ نار حروب الردة، تلك النار التي صهرت الأمة صهراً، ونفت عن الصف الخبثاء والدخلاء، وميزت المؤمنين من المنافقين، تلك المحنة التي تحولت بفضل الله ورحمته إلى منحة كبيرة على الإسلام وعلى المسلمين. ومن أعظم بركاته: أنه أرسل جيش أسامة ؛ ليؤدب القبائل التي غارت على حدود الدولة الإسلامية، وكانت مدعومة من الدولة الرومانية. ومن أعظم بركاته: أنه جمع القرآن الكريم بعد غزوة اليمامة التي قتل فيها كثير من القراء من حفاظ كتاب الله، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل وإن شئت فقل: ومن أعظم بركات الصديق أيضاً: أنه قبل أن يموت أمر كتابة باستخلاف عمر على أمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقيل له: (ماذا تقول لربك إن سألك وقد وليت على أمة النبي صلى الله عليه وسلم من بعدك عمر وهو القوي الغليظ الشديد؟! قال الصديق : إن سألني ربي سأقول له: يا رب! وليت عليهم أقواهم وأعدلهم). فهل يسب الصديق ؟!!
أعلى الصفحة
هم القدوة فاعرفوا لهم فضلهم
إننا نعيش في زمان قُدِمَ فيه التافهون وأصبحوا القدوة والمثال. فلقد آن الأوان لننظر بأبصارنا إلى هذه القدوات الطيبة والمثل العليا. قال ابن مسعود : (من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، اختارهم الله لصحبة نبيه، ولإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم على آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم). وقال ابن مسعود رضي الله عنه أيضاً: (إن الله تعالى نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد؛ فاصطفاه لرسالته ونبوته، ونظر في قلوب العباد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد؛ فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه). اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترد الأمة إلى دينك رداً جميلاً، اللهم رد الأمة إليك رداً جميلاً، اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك. وصلى الله وسلم على نبينا وإمامنا وحبيبنا محمد وآله وصحبه أجمعين. ...... | |
|